التاريخ العريق لاستخدام العود في الثقافة السعودية
chenxiang
4
2025-07-16 08:16:58

التاريخ العريق لاستخدام العود في الثقافة السعودية
يعود استخدام العود في شبه الجزيرة العربية إلى آلاف السنين، حيث تشير الاكتشافات الأثرية إلى تبادل تجاري للعود مع حضارات بلاد الرافدين ووادي السند. اكتسب العود مكانة خاصة في المجتمع السعودي بسبب ندرته وجودته العالية، مما جعله رمزًا للرفاهية والنبل. تذكر المصادر التاريخية أن طرق التجارة القديمة مثل "طريق البخور" شهدت نقل كميات كبيرة من العود من جنوب الجزيرة العربية إلى مناطق الشام ومصر.
أثبتت الدراسات الأنثروبولوجية أن القبائل العربية قدّرت العود كعنصر أساسي في طقوس الضيافة، حيث كان يُحرق في مجالس الشيوخ لاستقبال الضيوف. يرى الباحث الدكتور خالد الحميد أن هذه العادة تجسد قيم الكرم والتواصل الاجتماعي الجوهريّة في الثقافة البدوية.
الدور الروحي للعود في الممارسات الدينية
ارتبط العود ارتباطًا وثيقًا بالعبادات في الإسلام، حيث يُستخدم في تطييب المساجد والمناسك الدينية. تشير الأحاديث النبوية إلى استحباب استخدام البخور في الصلوات والأعياد، مما عزز مكانة العود في الحياة اليومية. يذكر الشيخ عبدالرحمن السديس أن رائحة العود تُعتبر تجسيدًا للطهارة الروحية، وتُستخدم في تحضير المصلّين للخشوع أثناء الصلاة.
في موسم الحج، يلاحظ الزائرون انتشار استخدام العود حول الحرم المكي وفي مخيمات الحجاج. وفقًا لدراسة أجرتها جامعة أم القرى عام 2020، فإن 78% من الحجاج يربطون رائحة العود بتجربة روحانية فريدة. هذا الارتباط الوثيق بين الرائحة والذكرى الدينية يعزز القيمة المعنوية للعود في الوجدان الجمعي.
العود في الاقتصاد السعودي الحديث
شهدت صناعة العود تطورًا ملحوظًا مع ظهور العلامات التجارية الفاخرة التي تدمج بين التقاليد والابتكار. تقدر وزارة التجارة حجم سوق العود في المملكة بأكثر من 2.3 مليار ريال سنويًا، مع نمو متوقع بنسبة 7% سنويًا. تبرز هذه الأرقام الدور الاقتصادي للعود كأحد مكونات الصناعة الثقافية الواعدة.
تهتم الشركات السعودية بتطوير تقنيات استخلاص الزيوت العطرية مع الحفاظ على الطرق التقليدية للتقطير. يوضح الخبير الاقتصادي محمد القحطاني أن تصدير العود الفاخر يساهم في تنويع مصادر الدخل، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على المنتجات الفاخرة ذات الهوية الثقافية المميزة.
التأثير الاجتماعي للعود في المناسبات
يُعتبر العود عنصرًا أساسيًا في الأعراس والمناسبات الرسمية، حيث يُستخدم كهدية ثمينة تعبر عن التقدير. تشير دراسة اجتماعية أجرتها جامعة الملك سعود إلى أن 92% من العائلات السعودية تخصص ميزانية لشراء العود في المناسبات الكبرى. هذا الاستخدام يعكس الدور الاجتماعي للعود كجسر للتواصل بين الأجيال.
في المجالس الرجالية، يتحول تقديم العود إلى طقس يومي يعزز الروابط المجتمعية. يلاحظ الأنثروبولوجي د. فهد الغامدي أن عملية إشعال المبخرة المشتركة تُشكل لغة غير لفظية للتعبير عن الوئام والمساواة بين الحضور، مما يعكس عمق الجذور الثقافية لهذه العادة في النسيج الاجتماعي.