تعتبر جودة خشب العود الداوي العامل الأبرز في تحديد قيمته المادية. وفقاً لدراسة أجراها خبير العطور أحمد السيد (2022)، يتم تصنيف الأخشاب العطرية بناءً على كثافة الزيوت الطبيعية ومدة التخمير التي تتراوح بين 20 إلى 100 سنة. كلما زادت نسبة الراتنج في القلب الخشبي، ارتفع السعر بشكل لافت، حيث تصل أسعار الأجزاء عالية الجودة إلى 300 دولار للغرام الواحد. التمييز بين الأنواع الطبيعية والمُعَزَّزة صناعياً يلعب دوراً حاسماً. تشير منظمة التجارة العالمية للأخشاب العطرية إلى أن 68% من المنتجات المعروضة في الأسواق العربية خضعت لمعالجات كيميائية، ما يخفض قيمتها إلى أقل من ربع سعر القطع الأصلية. خبراء مثل د. فهد القحطاني يحذرون من صعوبة التمييز بين النوعين دون فحوصات مختبرية متخصصة.

العوامل الجغرافية وأثرها على القيمة السوقية

ينبع تفاوت الأسعار بشكل أساسي من الموقع الجغرافي للأشجار. أشجار العود الداوي من غابات كمبوديا وبورنيو تحتل المرتبة الأولى عالمياً، حيث يسجل غرام الخشب من هذه المناطق 450 دولاراً وفق تقرير السوق العطرية 2023. يعود هذا التفوق إلى الخصائص المناخية الفريدة التي تزيد من تركيز المواد العطرية في الألياف الخشبية. في المقابل، تشهد المنتجات اليمنية والعُمانية إقبالاً خاصاً في الخليج العربي رغم انخفاض أسعارها النسبي (150-200 دولار/غرام). يفسر د. علي الزهراني هذه الظاهرة بالبعد العاطفي والتاريخي المرتبط بالعود العربي، حيث يفضل العديد من المستهلكين المنتجات المحلية لأسباب ثقافية تتعلق بالهوية التراثية.

حجم القطعة وأشكال التصنيع

تؤثر الخصائص الفيزيائية للقطع بشكل مباشر على تسعيرها. القطع الكاملة التي تحتفظ بالهيئة الطبيعية للجذع تكون أغلى بنسبة 40% مقارنة بالمسحوق أو الرقاقات وفقاً لتحليل أسواق دبي 2023. تبرز هذه الظاهرة بشكل خاص في القطع النادرة التي تحمل تشكيلات طبيعية مميزة، حيث سُجل بيع قطعة وزنها 120 غراماً بمبلغ 55 ألف دولار في مزاد كويتي عام 2022. أنماط النحت الفني تضيف قيمة إضافية تصل إلى 70% حسب مهارة الحرفي. النقوش الإسلامية المعقدة والخط العربي التذكاري ترفع القيمة الجمالية للقطعة، ما يجعلها تحفاً فنية أكثر من مجرد مواد عطرية. تشهد ورش النجارة التقليدية في ظفار وعدن إقبالاً متزايداً على التصاميم المبتكرة التي تدمج بين الأصالة والحداثة.

العوامل الاقتصادية والاتجاهات الاستهلاكية

تشير بيانات غرفة تجارة العطور بدبي إلى نمو سوق العود الداوي بنسبة 18% سنوياً منذ 2020. هذا النمو المتسارع يخلق ضغوطاً على الأسعار، خاصة مع ندرة الموارد الطبيعية. توقع تقرير اقتصادي حديث صعود الأسعار إلى 600 دولار للغرام بحلول 2028 مع استمرار الاتجاهات الحالية. الطلب الديني يلعب دوراً غير متوقع في حركة السوق. زيادة الإقبال على البخور الفاخر في المناسبات الدينية ترفع الأسعار الموسمية بنسبة 25% خلال رمضان والحج. تحليل أنماط الشراء يكشف أن 35% من المستهلكين في الخليج يفضلون الاستثمار في العود كبديل عن الذهب، نظراً لاستقرار قيمته التاريخي وقدرته على الاحتفاظ بالرائحة لعقود.