تاريخ عطر التاتش مي: جذور تمتد إلى الحضارات القديمة
chenxiang
5
2025-07-12 06:23:01

تاريخ عطر التاتش مي: جذور تمتد إلى الحضارات القديمة
يعود أصل عطر التاتش مي إلى طرق التجارة التاريخية التي ربطت شبه الجزيرة العربية بمناطق جنوب آسيا وإفريقيا. اكتسبت هذه التركيبة العطرية شهرتها من خلال مزج مواد مثل اللبان العُماني والمسك النادر، والتي كانت تُعتبر سلعاً ثمينة في الأسواق العربية منذ القرن السادس الميلادي. تشير الدراسات الأنثروبولوجية (كأبحاث د. خالد السعيدي، 2018) إلى أن طقوس التبخير بالعطور كانت جزءاً أساسياً من المراسم الدينية والاجتماعية في مملكة سبأ.
تطورت تركيبة العطر عبر العصور لتعكس التبادل الثقافي بين الحضارات، حيث أضاف الحرفيون مكونات مثل خشب الصندل الهندي والورود الفارسية خلال العصر الذهبي للإسلام. تظهر المخطوطات العباسية وصفات دقيقة لتحضير العطور التي تطابق خصائص التاتش مي المعاصر، مما يؤكد استمرارية التقاليد الحرفية.
المكونات السرية: حيث تلتقي الطبيعة بالفنون الكيميائية
تعتمد جودة التاتش مي على ثلاث مواد أساسية: راتنج اللبان المُقطر من أشجار البوسويلليا، ومسك الغزال المُستخرج بطريقة غير مؤذية، بالإضافة إلى زيت العود الفيتنامي المُعتق. يشرح الخبير العطري د. ناصر القحطاني أن عملية التقطير البطيئة (التي تستغرق 120 ساعة) هي السر وراء ثبات الرائحة الفريد.
تحتوي التركيبة الحديثة على ابتكارات علمية مثل تقنية التجزئة الجزيئية التي طورها معهد دبي للعطور عام 2020، والتي تسمح بتحرير العطر بشكل متدرج حسب حرارة الجسم. هذا المزج بين التقليدي والحديث يجعل العطر مناسباً للاستخدام اليومي مع الحفاظ على هويته التراثية.
الفلسفة العطرية: أكثر من مجرد رائحة
يمثل التاتش مي مفهوماً وجودياً في الثقافة العربية، حيث يُعتبر الجسر بين العالم المادي والروحي. تؤكد الدكتورة أمينة المرزوقي (في كتابها "أنثروبولوجيا العطر"، 2021) أن استنشاق البخور في المجالس يُنشّط الذاكرة الجمعية عبر ربط الحاضر بالماضي التليد.
صُمم العطر ليعكس قيم الكرم والنُبل، حيث تُطلق نوتاته العليا (الحمضيات والريحان) انطباعاً بالحيوية، بينما تخلق نوتات القاعدة (المسك والعود) إحساساً بالجاذبية والعمق. هذه الديناميكية العطرية تجعله مناسباً للمناسبات الرسمية والاجتماعات الحميمة على حد سواء.
الثورة البيئية: نحو إنتاج مستدام
أطلق مصنعو التاتش مي مبادرة "عبق المسؤولية" عام 2022 لمواجهة التحديات البيئية. تعتمد المبادرة على زراعة أشجار اللبان في البيئات الصحراوية باستخدام تقنيات حصاد الندى، مما خفض استهلاك المياه بنسبة 70% وفق تقرير منظمة الإيكونومست عام 2023.
تم تطوير عبوات قابلة لإعادة التعبئة من السيراميك المعاد تدويره، بينما تُستخدم الأقمشة القطنية العضوية في التغليف. هذه الإجراءات لم تقلل من الفخامة المعهودة، بل عززت القيمة الرمزية للعطر كرمز للتراث الواعي.