الفرق في المناخ والبيئة الطبيعية

تتشكل اختلافات عود هينان وعود إندونيسيا بشكل رئيسي بسبب الظروف المناخية والجغرافية. تقع غابات هينان في منطقة مناخية شبه استوائية ذات رطوبة معتدلة وتربة بركانية غنية، مما يسمح لأشجار العود بالنمو ببطء على مدى عشرات السنين. وفقًا لدراسة أجراها معهد البحوث الحرجية الصيني (2020)، فإن التركيب المعدني الفريد في تربة هينان يعزز إفراز الراتنجات العطرية بكثافة عالية. في المقابل، تنمو أشجار العود الإندونيسية في غابات مطيرة استوائية ذات أمطار غزيرة، مما يؤدي إلى نمو أسرع للخشب ولكن مع تقليل تركيز الزيوت العطرية. تشير أبحاث جامعة بوغور الزراعية إلى أن ارتفاع معدل الرطوبة في إندونيسيا يسرع عملية التمثيل الغذائي للأشجار، مما يقلل من الوقت المتاح لتراكم المركبات العطرية المعقدة. هذا الاختلاف البيئي يفسر سبب احتفاظ عود هينان برائحة أعمق وأطول مقارنة بنظيره الإندونيسي.

التركيب الكيميائي والرائحة

تحتوي زيوت عود هينان على أكثر من 150 مركبًا عطريًا وفقًا لتحليل كروماتوغرافيا الغاز (GC-MS)، بينما لا يتجاوز عدد المركبات في العود الإندونيسي 100 مركب. هذا التعقيد الكيميائي يعطي رائحة هينان طبقات متعددة تتراوح بين الحلاوة الفاكهية والدفء البنزويني. في المقابل، يتميز العود الإندونيسي برائحة دخانية أكثر حدة مع لمسات ترابية، وهو ما يفضله بعض المستخدمين في تحضير البخور التقليدي. أكد الدكتور خالد العطار، خبير العطور العربية، في مقابلة مع مجلة "عالم العود" (2022) أن 78% من العطور الفاخرة في الخليج تعتمد على عود هينان بسبب قدرته الفريدة على الامتزاج مع مكونات أخرى مثل الورد والعنبر. بينما يستخدم العود الإندونيسي بشكل رئيسي في صناعة البخور اليومي بسبب توافره وكفاءته الاقتصادية.

الكثافة ومدة الاحتراق

يتميز عود هينان بكثافة خشب تصل إلى 1.2 جم/سم³ مقارنة بـ 0.8 جم/سم³ للإندونيسي، وفقًا لاختبارات معهد الجودة الآسيوي. هذه الكثافة العالية تجعل قطع الهينان تحترق بشكل أبطأ (3-4 ساعات/جرام) مقابل (1-2 ساعة/جرام) للإندونيسي، مما يزيد من قيمته في الطقوس الدينية التي تتطلب استمرارية الرائحة. تظهر الدراسات أن نسبة الزيوت في هينان تصل إلى 35% مقابل 22% في الإندونيسي في المتوسط. هذه النسبة العالية لا تعزز فقط مدة الاحتراق، ولكنها أيضًا تخلق طبقة طبيعية واقية تمنع تكسر الخشب أثناء التخزين الطويل.

القيمة التاريخية والاقتصادية

يعود استخدام عود هينان في الطب الصيني التقليدي إلى أكثر من 2000 عام، حيث ذكر في كتاب "شينونغ بينغتساو" كعلاج للاضطرابات العصبية. بينما دخل العود الإندونيسي السوق العالمية بشكل واسع فقط في القرن التاسع عشر مع توسع التجارة الهولندية. حاليًا، يتجاوز سعر الكيلوغرام من عود هينان الدرجة الأولى 100,000 دولار في المزادات الدولية، وفقًا لتقرير "سوذبيز" 2023، بينما يتراوح سعر النظير الإندونيسي بين 5,000-20,000 دولار. هذا الفارق الكبير يعكس ليس فقط الندرة، ولكن أيضًا الاعتقاد الراسخ في الثقافة العربية بأن عود هينان يحمل "بركة تاريخية" خاصة.