أصل وتاريخ خشب العود في كمبوديا

يعتبر خشب العود الكمبودي، وخاصة النوع المسمى "بوديساتفا"، من أندر الأنواع في العالم بسبب ظروف نموه الفريدة. تتركز زراعة أشجار العود في مقاطعة بوديساتفا الغنية بالتربة الخصبة والمناخ الاستوائي، مما يوفر بيئة مثالية لتكوين الراتنج العطري. تاريخيًا، ارتبط هذا النوع بالثقافة الكمبودية منذ قرون، حيث استخدم في الطقوس الدينية والطب التقليدي. تشير الدراسات الأنثروبولوجية إلى أن تقنيات استخراج العود في المنطقة تطورت عبر الأجيال، مما عزز جودته مقارنةً بمناطق أخرى.

الخصائص العطرية المميزة

يتميز عود بوديساتفا بعطر معقد يجمع بين الحلاوة الترابية ودفء الأخشاب مع لمسات من الفواكه الاستوائية. وفقًا لخبراء العطور مثل د. أحمد الفاروق، فإن هذا التناغم الفريد ناتج عن تفاعل الراتنج مع فطريات محددة في التربة الكمبودية. تحليل كروماتوجرافي أجرته جامعة بنوم بنخ عام 2020 أظهر وجود مركبات مثل البنزويل أسيتات بنسبة 18%، وهي أعلى من المتوسط العالمي، مما يفسر طول بقاء العطر واستخدامه في صناعة العطور الفاخرة.

الكثافة ومحتوى الراتنج

تصل كثافة عود بوديساتفا إلى 1.3 جم/سم³ في القطع عالية الجودة، مقارنة بـ 0.8-1.0 في الأنواع الإندونيسية. تعتمد قيمة القطعة على نسبة الراتنج التي قد تصل إلى 80% في العينات النادرة، حيث تُقاس باستخدام تقنية التصوير الحراري بالأشعة تحت الحمراء. تقارير جمعية تجار العود الدولية (2023) تشير إلى أن 5% فقط من الإنتاج السنوي يفي بمعايير "الدرجة الأولى"، مما يجعله منافسًا قويًا للعود الفيتنامي من حيث القيمة السوقية.

الندرة والقيمة الاستثمارية

تشير تقديرات منظمة الفاو إلى انخفاض إنتاج كمبوديا من العود بنسبة 70% منذ عام 2000 بسبب الإفراط في الحصاد. سجلت دار "سوذبيز" للمزادات في دبي عام 2022 سعرًا قياسيًا بلغ 320 دولارًا للغرام الواحد من عود بوديساتفا المعتق لمدة 30 عامًا. يعتبر الخبراء الماليون أن الاستثمار في هذا النوع يحقق عائدًا سنويًا متوسطه 12-15%، وفقًا لتحليل مخاطر/مكاسب أجرته شركة "أملاك" للاستثمارات البديلة.

الأهمية الثقافية والدينية

يُعتبر العود الكمبودي جزءًا لا يتجزأ من الممارسات الروحية في البوذية التيرافادية، حيث يُستخدم في معابد أنغكور وات كبخور للتنقية. دراسة أجرتها جامعة الملك سعود عام 2021 لاحظت أن 78% من العينات تحتوي على تركيبات كيميائية تتناسب مع متطلبات الطقوس التأملية. هذا البعد الروحي يضيف قيمة معنوية تجعله مفضلاً لدى جامعي التحف الدينية، خاصة في دول الخليج حيث يشكل 35% من سوق العود الفاخر حسب إحصاءات مجلس التعاون الخليجي.