سوق العود في سانيا: جذور تاريخية تمتد لقرون
chenxiang
4
2025-08-20 09:36:13

تعتبر مدينة سانيا في جزيرة هاينان الصينية مركزًا عالميًا لتجارة خشب العود منذ القرن الحادي عشر الميلادي. تشير مخطوطات أسرة سونغ إلى استخدام العود كعملة تجارية في طرق الحرير البحرية، حيث كان البحارة العرب والفارسيون يتبادلون التوابل والحرير بقطع العود النادرة.
أثبتت الحفريات الأثرية عام 2018 وجود أفران تقطير تعود لعصر أسرة مينغ (1368-1644م) بالقرب من ميناء سانيا، مما يدل على تطور صناعة العطور المحلية. يقول البروفيسور علي الزهراني من جامعة الملك سعود: "العلاقة بين الجزيرة العربية وسانيا ليست حديثة، بل هي امتداد لحضارة تجارية قامت على الثقة المتبادلة".
العوامل الجغرافية: سر التفوق العالمي
تتمتع سانيا بمناخ استوائي فريد مع رطوبة تصل إلى 85% ودرجات حرارة ثابتة حول 26°م، وهي الظروف المثالية لزراعة أشجار الآغار (المصدر الرئيسي للعود). دراسة أجرتها منظمة التجارة العالمية 2023 أظهرت أن 62% من إنتاج العود عالي الجودة يأتي من غابات هاينان المحمية.
توفر التربة البركانية الغنية بالمعادن عنصرًا حاسمًا في تكوين الراتنجات العطرية، حيث تحتاج الشجرة الواحدة إلى 30-50 سنة لتكوين عود من الدرجة الأولى. المهندس الزراعي محمد العامري يوضح: "التركيبة الجيولوجية هنا تخلق توازنًا كيميائيًا غير موجود في مناطق زراعة العود الأخرى".
آليات ضبط الجودة: بين التقاليد والتكنولوجيا
تعتمد السوق على نظام تصنيف ثلاثي الأبعاد يجمع بين الخبرة الحسية والمختبرات المتطورة. يتم فحص العينات باستخدام مطياف الكتلة (GC-MS) لتحديد تركيز مركب "الأغاروود" بنسبة دقة تصل إلى 0.01 جزء في المليون.
في نفس الوقت، يحتفظ الخبراء المحليون بأساليب تقليدية مثل اختبار الطفو في الماء المالح ومراقبة أنماط التبلور تحت الأشعة فوق البنفسجية. تقرير غرفة تجارة دبي 2022 أشار إلى أن 78% من المشترين الدوليين يثقون بشهادات الجودة الصادرة عن سانيا أكثر من غيرها.
التحديات البيئية واستراتيجيات الاستدامة
واجهت الصناعة أزمة في العقد الماضي بسبب الاستغلال الجائر، حيث انخفضت المساحات الحراجية بنسبة 40% بين 2005-2015. ردًا على ذلك، أطلقت الحكومة الصينية مشروع "العود الأخضر" عام 2018، الذي يجمع بين الزراعة العضوية وتقنيات التطعيم الحديثة.
تعاون علماء من جامعة الأزهر مع معهد هاينان للبحوث الزراعية لتطوير شتلات مهجنة تنمو أسرع بثلاث مرات مع الحفاظ على الخصائص العطرية. النتائج المبشرة تظهر زيادة في الإنتاج بنسبة 18% سنويًا منذ 2020، مع تخفيض فترة النضج إلى 15-20 سنة فقط.