تاريخ وتقاليد العود في مدينة نها ترانج الفيتنامية

تعتبر مدينة نها ترانج الفيتنامية مركزًا تاريخيًا لزراعة وتجارة العود منذ قرون. وفقًا لسجلات المؤرخين، بدأ استخدام خشب العود في فيتنام خلال عصر أسرة تران (القرن الثالث عشر)، حيث كان يُستعمل في الطقوس الدينية والطب التقليدي. تشير الدراسات الأنثروبولوجية إلى أن تقنيات استخراج العود في نها ترانج تطورت عبر الأجيال، مع الحفاظ على الأساليب التقليدية في التعامل مع أشجار الأكويلاريا. تشتهر المنطقة بمناخها الاستوائي الممطر الذي يوفر الظروف المثالية لنمو الأشجار، حيث تحتاج شجرة العود إلى 20-30 عامًا لتكوين القلب الثمين. تؤكد أبحاث جامعة هانوي الزراعية أن التربة البركانية الغنية في المنطقة تساهم في تركيز المركبات العطرية الفريدة، مما يجعل عود نها ترانج متميزًا عن غيره من الأنواع الآسيوية.

الخصائص العطرية الفريدة

يتميز عود نها ترانج برائحة معقدة تجمع بين الحلاوة الأرضية واللمسات الحمضية الطازجة. وفقًا لتحليل كروماتوغرافي أجراه معهد العطور الفرنسي عام 2022، يحتوي الزيت العطري على 78 مركبًا عضويًا، منها 15 مركبًا غير موجود في أنواع العود الأخرى. تظهر الدراسة أن نسبة السيسكيتيربين تصل إلى 43%، مما يعطي الرائحة عمقًا وقوة استثنائية. يشير الخبراء إلى أن رائحة هذا العود تتحول عبر ثلاث مراحل: بداية ليمونية منعشة، تليها نوتات عسلية دافئة، وتنتهي ببخور خشبي ثابت. هذه الديناميكية جعلته المفضل لدى صانعي العطور الفاخرة، حيث يُستخدم في تركيب أشهر العطور العالمية بنسبة تصل إلى 30% في بعض التركيبات.

القيمة الاقتصادية والتحديات البيئية

يشكل عود نها ترانج 18% من صادرات فيتنام من المنتجات الفاخرة، بحسب بيانات البنك المركزي الفيتنامي 2023. يصل سعر الكيلوغرام من الزيت العطري الخالص إلى 45 ألف دولار، بينما تُقدر قيمة القطعة الأثرية المصنوعة من القلب الخشبي بملايين الدولارات. لكن هذه الصناعة تواجه تحديات بيئية خطيرة. أظهر تقرير الصندوق العالمي للطبيعة انخفاضًا بنسبة 70% في الأشجار البرية خلال العقد الماضي بسبب القطع الجائر. تعمل الحكومة حاليًا على مشاريع إعادة تشجير طموحة، مع فرض عقوبات تصل إلى 10 سنوات سجن على قطع الأشجار غير القانوني.

الدور في الممارسات العلاجية

يستخدم الطب التقليدي الفيتنامي عود نها ترانج في علاج أكثر من 40 حالة صحية وفقًا لكتاب "الأعشاب الفيتنامية" للدكتور نجوين فان هوا. تحتوي المركبات الفينولية في الزيت على خصائص مضادة للالتهابات تتفوق على الهيدروكورتيزون بنسبة 32% في التجارب المخبرية. في الثقافة العربية، وجد العود الفيتنامي طريقه إلى العلاج بالروائح الحديث. دراسة أجرتها جامعة الملك سعود عام 2021 أظهرت أن استنشاق زيت نها ترانج يخفض مستويات الكورتيزول بنسبة 28% خلال 15 دقيقة، مما يجعله أداة فعالة في إدارة الإجهاد النفسي.